الاثنين، 3 يونيو 2013

سبحان مغير الأحوال


كان والده يجوب شوارع الحي الفقير الذي كان يسكنه صباحاً ثم يعود آخر اليوم ببضع 

جنيهات تعين أسرته بالكاد على تلبية مطالب الحياة ، فكان يضيق ذرعاً بمهنة والده 

ويخجل أن يواجه الواقع أمام أصدقائه وكأنه وصمة عار تلحق به أينما سار ، وهو الذي 

كان يساعد والده عندما كان يبيع الفول المدمس منذ أن كان صغيراً ويذكر جيداً أنه هو 

الذي كان يجر أمام العربة التي كانت تحمل قدر الفول ، وعندما تخرج من الجامعة طرق 

أبواب العمل فلم يوفق ، فالبطالة منتشرة ، والأجور متدنية والشركات تقلص من حجم 

العمالة وهو الذي كان يحلم أحلاماً وردية أفاق منها على ظروف صعبة وواقع مرير !!

وبعد أن كان متنمراً ومتمرداً على مهنة والده ومن قبله الأجداد ، بدأ ينظر إلى الأمور 

بمنظار مختلف ويزن المواقف بميزان المنطق والعقل ، فلم يجد غير قدر فول والده لأن 

يبدأ تجارته ومشروعه الخاص به وقال : ولم لا ؟ فالفول المدمس غذاء طبقة الفقراء 

والكادحين وهو مشروع مضمون ومربح ، وأعطاه والده مبلغاً كان يدخره لتقلبات الزمن 

، ففرح الشاب وقبل يد والده ، واستأجر محلاً صغيراً وتم تأثيثه بأثاث بسيط وبدأ بتقديم 

وجبات الفول والفلافل بطريقة جديدة وأسلوب جديد بهمة ، ونشاط الذي فاق جميع 

التوقعات ، اشتهر اسم محله وأصبح لامعاً بعد فترة وجيزة ، وبدأ في التوسع في حيه ، ثم 

امتدت الفروع عبر السنين للأحياء المجاورة ، وازدهرت تجارته وأصبحت سر ثرائه ، 

وشهرته وأغناه الله من فضله ، وعندما يتذكر الأيام العصيبة يقول الحمد لله سبحان مغير 

الأحوال .




0 التعليقات:

إرسال تعليق