فبعد أن كان الهم هماً واحداً أصبحت الهموم كثيرة ، وبعد أن كان الهوى واحداً أصبحت
الأهواء عديدة ، وبعد أن كانت الفتنة واحدة أصبحت الفتن كثيرة ، فغفلوا عن الاتصال
بالله ، وتركوا قوة الإيمان وهم الدين وغرقوا في الملذات والشهوات والرغبات ، وعاشوا
لتحقيق أكبر قدر من رفاهية العيش ، وأكبر قسط من الراحة والمتعة ، فإذا تحقق لهم
مأربهم ركضوا وراء آخر ، وإذا ربحوا مليوناً ركضوا وراء آخر ، وكلما انزاح همٌ ظهر
لهم همٌ آخر يشغل بالهم وقلوبهم وهكذا باتوا يلهثون كل يوم وراء همٌ جديد !!
فضاقت الدنيا عليهم بما رحبت ، واغتَم الصدر ، وشقيت الروح ، وتشتت الأمر ، وامتلأ
وعاء القلب بالظلمة فسلبهم راحة بالهم وسكينة صدورهم ، واطمئنان قلوبهم ،
واضطربت عقولهم وأحبطت تصرفاتهم فحلت الصراعات بين الناس ودبت الخلافات
بين الإخوان ، فكان كسر العلاقات أسرع وسوء الفهم أولى ، وصاروا يتخبطون في
الإخفاق والفشل . إن همنا يجب أن يكون هماً واحداً وهو رضاء الله عز وجل وتقوية
الصلة به ، والعمل له والتوكل عليه ، فالإيمان يضبط النفس ويكبح الشهوات ، ويستأصل
النزوات ، ويكف الإنسان عن البطش والظلم ويتحلى بالأخلاق الحميدة ، وينقي النفس
من الحقد والحسد والغل ، وتضفي على النفس السماحة والطيبة وصفاء السريرة . إن
أعمالنا وآباءنا وأولادنا و أزواجنا وأموالنا وتجارتنا يجب أن تدور في فلك الله ، فحبك
لزوجك ، وأولادك ، وأهلك ، وعشيرتك يجب أن يوجه لله ، وكل ما يجب أن تفعله يجب
أن يكون من أجله ، وكل أموال تنفقها يجب أن توجه كلها كما أمرك ، وكل تجارة تعمل
فيها تكون النية لله .
0 التعليقات:
إرسال تعليق